حرائق ” إسرائيل ” مقدمة لزوالها .. أو فرصة صهيونية لتهويدها

 

الأربعاء 30/11/2016 م …

محمد شريف الجيوسي …

يلف الغموض حقيقة الحرائق التي وقعت في الكيان الصهيوني وفي مناطق فلسطينبة واقعة تحت سيطرة الإحتلال ، وذلك عشية جملة أحداث ومتغيرات كالتالي :

ـ انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح .. ورفض قيادتها إعادة دحلان ..

ـ مزاعم ( إسرائيل ) أنها قتلت عدة دواعش في جنوب سورية في محاولة للإيحاء بأنها تحارب الإرهاب فيما هي وواشنطن ممن صنّعوا ودعموا ومولوا ودربوا ومرروا وعالجوا الإرهابيين.

ـ وبالتزامن مع عودة العمليات الحربية الروسية السورية وإنتهاء الهدنة التي منحتها سورية وروسيا للجماعات الإرهابية في حلب، للإنسحاب منها وترك المدنيين يخرجون منها، وما حققته سورية وحلفائها من تقدم على الأرض في كل الجبهات ، وظهور مقدمات فشل قيام دول مذهبية وإثنية في المنطقة .

ـ وبعد رفض سورية عرض الممثل الأممي بمنح شرق حلب حكماً ذاتياً ، وتأكد رفض أمريكا وحلفها بشكل قاطع ونهائي تحقيق السلام في سورية وإصرارها على منح جماعات إرهابية فرصاً إضافية وتعطيل الحوار السوري السوري .

ـ وفلسطينيا ، ذهاب الكيان الصهيوني بعيداً في كل شيء ، رغم كل العروض المغرية التي قدمتها وتقدمها الرجعيتين العربية والعثمانية للكيان الصهيوني ، وما بينهما من أواصر تعاون تحت الطاولة وفوقها ، وأخيراً وليس آخراً ، كان منع الأذان من على مآذن القدس ..

ـ التضامن الفلسطيني الشعبي المسيحي الإسلامي بمواجهة الصلف الصهيوني بمنع الأذان ورفعه في الكنائس المسيحية ومن على أسقف منازل المسيحيين في القدس والناصرة وغيرهما ، في الوقت الذي استنكر فيه بعض مشايخ الفتن في الخارج ذلك واعتبره غير جائز!؟ .

ـ اتضاح أمرين متباينين ، فبالنسبة لإسرائيل بات واضحا أن السلطة وحماس ومجمل الوضع الفلسطيني ( الرسمي ) بات عاجزاً عن تحقيق شيء سواء باتجاه التصعيد ضد تل ابيب أو تحقيق (سلام ) فيما زمام المبادرة بات بيد الشعب الفلسطيني وفق مبادرات لا تملك قيادة ما ضبطها .. وبالتالي لا بد من التعامل بطريقة مختلفة واستغلال الإنشغال العربي والعالمي في مناطق الصراع العديدة.

كما بات واضحا فلسطينيا (رسميا وشعبيا ) أن لا افق لقيام سلام أي سلام مهما كان متدني الشروط وأن العدو الإسرائيلي ماض الى مزيد من التصعيد واجتثاث الشعب الفلسطيني من فلسطين التاريخية، حضارة وتراثا وبشرا ووجوداً، وقد ولد هذا الشعور استكانة رسمية فلسطينية،و( تمرداً) شعبياً بضرورة اجتراح أساليب نضالية تبطل تفاعيل الوضع المتردي القائم ولا يمكن توقعها أو احتسابها ، وتغييرهذه الأساليب باستمرار، مع فترات توقف للراحة والتمويه وتحقيق عنصر المفاجأة وجعل العدو الإسرائيلي في حالة ارتباك وتفاجؤ واستنفار مستدام .

وبهذا المعنى ونتاج كل ما سبق ، يُحتمل أن تكون الحرائق من نوع ما حاول نتياهو تشويهه بأنه (إرهاب الحرائق) رغم أن كيانه الصهيوني هو منشيء الإرهاب الأول في المنطقة العربية قبل وبعد قيام هذا الكيان ..

لكن شمول الحرائق؛ الشجر والحجر، في مناطق واسعة في آن، وفي مدن مختلطة من العرب والصهاينة، وفي ذات الوقت،تمددها مكانيا وزمنياً، الى حد أن تطلب تل ابيب مساعدة دول في إطفاء الحرائق، وما أعلن عنه نتنياهو عن عزم كيانه العدواني إقامة مؤسسة دولية لمكافحة الحرائق في الكيان الصهيوني،يجعلنا أمام أحد احتمالين، إما أن الشعب الفلسطيني بات يمتلك قدرات متزامنة غير منظورة خارج إطار مؤسساته الرسمية،واتخذ قراره بإيقاع أفدح الخسائر بالعدو الصهيوني دون هوادة ، وقد تكون هذه البداية .. لما هو أعظم .

وإما أن تكون الحرائق مفتلعة بالأساس من قبل الصهاينة ،فاليهود اقترفوا على مدى التاريخ ما يؤلب المجتمعات التي كانوا يعيشوا بين ظهرانيها في اوروبا ، مما يستفز تلك المجتمعات ، وصولاً إلى إتخاذ إجراءآت انتقامية مكلفة ضدهم ، تحقق لهم الوحدة وعدم الإندماج والتقوقع على الذات، بمعنى ان أكلاف استراتيجياتهم لم تكن لتعنيهم مهما بلغ حجمها، وبهذا المعنى لن يكون صهاينة أيامنا خارج المعنى التقليدي لقيادات اليهود التاريخية .

ويحقق هذا تأليب العالم على العنصر العربي الذي ما زال يقيم في فلسطين المحتلة سنة 1948 ، بهذا المعنى تكون الحرائق ضرورية ، ويكون إشتراك دول أخرى في إطفائها ضروريا لتحقيق ذات الغرض ، وأكثر من ذلك إقامة تلك المؤسسة الدولية لمكافحة الحرائق في الكيان الصهيوني، وصولاً إلى طرد من تبقى من العرب مواطني فلسطين الأصليين ، وبالتالي تهويد (إسرائيل ) بالكامل .

من الصعب الآن الجزم بالمطلق ، أي الاحتمالين أدق ، لكن من المتوقع أن تحاول تل ابيب تجيير الحرائق لصالحها ، بتحميل عرب 1948 مسؤولية إشعالها حتى في حال لم يكونوا هم من أقدم عليها، للسير في مخطط تهويد إسرائيل .. بخاصة بعد تأكد فشل إقامة دول مذهبية وطائفية وإثنية في المنطقة، تبرر وتشرعن يهودية (إسرائيل ) ونقائها ..ما يستدعي ( من وجهة صهيونية ) البحث في مبررات أخرى ، قد تحقق الحرائق للكيان الصهيوني ، قيام ( دولة يهودية نقية ) .

ومهما يكن من أمر ، لا ينبغي أن يدفع ذلك الشعب الفلسطيني إلى الإحباط ، بل وعليه اجتراح أساليب نضالية جديدة باستمرار ، وإفشال محاولات الكيان الصهيوني إسقاط نضال الحرائق ، أوتحويلها إلى فرصة لتحقيق يهودية الدولة ، بل جعلها مقدمة لزوال هذا الكيان الغاصب العنصري التوسعي العدواني الإرهابي .

[email protected]  

قد يعجبك ايضا